الإختلاف
I- الإختلاف، مفهومه وأسبابه:
1) مفهوم الإختلاف: الإختلاف تنوع في الرأي ناتج عن تباين الوسائل
وتفاوت الأفهام والمدارك. وهو غير الخلاف الناتج عن افتراق في الوسائل والغايات.
2) أسباب الإختلاف:
ا- النزعة الفردية:هي شعور بذات معنوية مستقلة- ناتج عن الاستقلال الجسدي- تنشأ عنه رغبة في التميز، تدفع الإنسان إلى تكوين قناعات خاصة مما يؤدي إلى الإختلاف.
ب- تفاوت المدارك والأفهام : ويتجلى ذلك في تفاوت القدرات و المواهب العقلية وتباين المعارف والمهارات و ما ينشأ عن ذلك من الإختلاف.
ج- تباين المواقف والمعتقدات: وهو السبب في تناقض الآراء والأفكار.
II- الإسلام والإختلاف:
يميز الإسلام في الإختلاف بين نوعين:
1) اختلاف مقبول: هو كل اختلاف ناتج عن سبب موضوعي كاستشكال الألفاظ و تعدد دلالات التعابير و احتمال الأدلة لتأويلات مختلفة. هذا النوع من الإختلاف لا يكون ناتجا عن أسباب ذاتية كجحود الحق تعصبا للرأي. وهومشروع و حتمي الوقوع. وإذا أحسن تدبيره تم له أثر بناء." وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً۬ وَٲحِدَةً۬ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ" (هود:119)
2) اختلاف مذموم: هو الإختلاف الناتج عن التعصب للرأي واتباع الهوى وجحود الحق. وهو قائم على التزييف والتضليل، و يؤدي إلى النزاع والصراع. و قد ذمه الله تعالى وحذر من سوء عاقبته."وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ۥ وَلَا تَنَـٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ" (الأنفال:49)
II- آداب الإختلاف:
لكي يكون الإختلاف تنوعا يغني الفكر ويتيح تقدم العلم ورقي الحضارة، يجب تقييده بالآداب الآتية:
ا- التسامح: وهو خصلة ترتقي بسلوك المختلفين من التعصب إلى التراضي ومن التنازع إلى التطاوع، مما يمكنهم من الوصول إلى التكامل و الحوار البناء.
ب- قبول الآخر : هو تقديركل واحد من المتحاورين للآخر والإعتراف بحقه في عرض الرأي وتداول الكلام، مما يمكنهما من التفاهم و يخلق روح التضامن بينهما.
ج- الحياء: و هو خصلة تقي الإنسان من الغرور والوقاحة، وتبعدعنه الشعوربالعظمة والتفوق، مما يحفظ للإختلاف أهميته و دوره في إغناء الفكر.
د- الإنصاف: وهو امتلاك القدرة والشجاعة على الإقرار ببطلان الرأي الشخصي، والإعتراف بصحة رأي الخصم.
III- تدبير الإختلاف:
لإستثمار الخلاف وتوظيفه في تلاقح الأفكار وتبادل المعارف يجب مراعاة الآتي:
ا- ضبط النفس: ويقتضي مخاطبة المخالفين بأدب ورفق، ومقابلة جهلهم بالعلم وعنفهم بالحلم.
"ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡڪَـٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ "(آل عمران: 134)
"ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡڪَـٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ "(آل عمران: 134)
ب- العلم بموضوع الإختلاف: يعتبر العلم بأي موضوع شرطا لمناقشته. وعليه لايجوز لأي كان المجادلة في موضوع يجهل كل مكوناته، إلا أن يكون ذلك على سبيل الإستفسار من أجل التعلم. "وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٍ۬ وَلَا هُدً۬ى وَلَا كِتَـٰبٍ۬ مُّنِيرٍ۬" (الحج:8)
ج- التفاوض: هو تداول الكلام وتبادل الإصغاء من أجل اكتشاف نقط التلاقي وتشخيص أسباب الإختلاف، مما يمكن من تسوية الخلاف بشكل يصون الكرامة ويحفظ الود.
د- التحكيم: وذلك باللجوء إلى من عرف بالعلم والحكمة والأمانة ، لكي يكون رأيه حكما فاصلا في الخلاف.
إرسال تعليق