الهدر المدرسي من الظواهر التي عرفها المغرب لعدة أسباب
و قد اتخدت الدولة عدة إجلراءات للتخفيف منها
تقديم:
إن مشكل الهدر المدرسي و بدون شك يؤثر على المجتمعات و الجماعات في العالم بأسره. نتائجه خطيرة و خطيرة جدا فهو يؤدي الى انتشار الأمية ، البطالة ،الجريمة في المجتمع، وهدر الموارد المالية للدولة. إن الهدر المدرسي له تأثيرات مباشرة على القدرات الاقتصادية للمجتمع، مع وجود تأثير كبير على الناتج الداخلي للدولة. هذه الإشكالية تقتضي اهتماما خاصا، وذلك بفهم أسبابها ونتائجها الشيء الذي سيمكن من إيجاد حلول مناسبة لها.
من خلال هذا الملحق التربوي لمجلة التربية نت سنسلط الأضواء حول إشكالية الهدر المدرسي ، و إبراز أبعاد هذه الظاهرة و أسبابها الرئيسية وسبل حلها مع ادراج مواضيع مستجدة حول هذه الظاهرة مثل دفاتر التتبع الفردي.
ماذا نعني بالهدر المدرسي؟
ا لهدر المدرسي من المصطلحات الفضفاضة التي يصعب تحديدها لاعتبارات عدة. أولاها تعدد المسميات لنفس المفهوم و اختلاف الكتابات التربوية في المنطلقات الذي يوصل إلى الاختلاف في فهم الظواهر، و بالتالي الاختلاف في توظيف المصطلح
أحيانا نتحدث عن الهدر المدرسي و نعني به التسرب الذي يحصل في مسيرة الطفل الدراسية التي تتوقف في مرحلة معينة دون أن يستكمل دراسته. لكن نفس الظاهرة يرد الحديث عنها في كتابات بعض التربويين بالفشل الدراسي الذي يرتبط لدى أغلبهم بالتعثر الدراسي الموازي إجرائيا للتأخر. كما تتحدث مصادر أخرى عن التخلف و اللاتكيف الدراسي و كثير من المفاهيم التي تعمل في سبيل جعل سوسيولوجيا التربية أداة لوضع الملمس على الأسباب الداخلية للمؤسسة التربوية من خلال إنتاجها اللامساواة
إلا أننا بشكل عام نتحدث عن الهدر المدرسي باعتباره انقطاع التلاميذ عن الدراسة كلية قبل إتمام المرحلة الدراسية أو ترك الدراسة قبل إنهاء مرحلة معينة
و كيفما كان التعريف الذي نرتضيه لهذه الظاهرة، فإننا يجب أن نعترف أننا أمام ظاهرة تؤرق المجتمعات العربية بشكل عام. فهي تحمل كل مقومات الفشل سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع. و هي من العوامل القادرة على شل حركة المجتمع الطبيعية و تقهقره عائدة به إلى عتمة الجهل و التخلف و الانعزالية بعيدا عن نور التطور و مواكبة لغة العصر في التقدم و الانفتاح
حجم الإشكالية:
من خلال البحث الذي قامت به منظمة اليونسكو سنة 2004 تبين أن نسبة الهدر المدرسي مرتبطة بالناتج المحلي، ولهذا دول الخليج مثلا والتي تتميز بإقتصاد جيد بعائد إجمالي أكبر من 5000 أورو. هذه البلدان نسبة الهدر المدرسي فيها هي أقل من 3% فيما يتعلق بالسنة الخامسة من التعليم الابتدائي. أما بالنسبة للمغرب و موريتانيا اللذان يتراوح عائدهما الاجمالي بين 3350 أورو و 1750 أورو،فــإن نسبة هدرهما المدرسي في السنة الخامسة من التعليم الابتدائي هو ما بين 6% و 22% . وجب الاشارة إلى وجود استثناء مثل فلسطين والأردن.
إن الوسط القروي هو الأكثر تعرضا لظاهرة الهدر المدرسي أكثر من غيره. أما في الوسط الحضري:بالنسبة للأحياء الشعبية حيث الوضع الإقتصادي ضعيف، نجد ظاهرة الهدر متزايدة مقارنة مع الأحياء الأخرى.
في الحقيقة مشكل المغادرة المبكرة للمدرسة هو معقد جدا و المعقد اكثر هو تحديد الأسباب التي تؤدي إلى مغادرة التلاميذ لمدارسهم. يقول السيد الشداتي مستشار اليونسيف : "عندما نلاحظ عامل يخص عدد كبير من التلاميذ الذين يغادرون الدراسة فهذا لا يعني وجود رابط السببية بين العامل و القيام بالمغادرة".
إن البحث الذي قامت به اليونسيف ، يوضح الأسباب الرئيسية للهدر المدرسي ، و قد قسم هذا البحث هذه الأسباب الى أسباب مدرسية و أسباب غير مدرسية.
من خلال البحث الذي قامت به منظمة اليونسكو سنة 2004 تبين أن نسبة الهدر المدرسي مرتبطة بالناتج المحلي، ولهذا دول الخليج مثلا والتي تتميز بإقتصاد جيد بعائد إجمالي أكبر من 5000 أورو. هذه البلدان نسبة الهدر المدرسي فيها هي أقل من 3% فيما يتعلق بالسنة الخامسة من التعليم الابتدائي. أما بالنسبة للمغرب و موريتانيا اللذان يتراوح عائدهما الاجمالي بين 3350 أورو و 1750 أورو،فــإن نسبة هدرهما المدرسي في السنة الخامسة من التعليم الابتدائي هو ما بين 6% و 22% . وجب الاشارة إلى وجود استثناء مثل فلسطين والأردن.
إن الوسط القروي هو الأكثر تعرضا لظاهرة الهدر المدرسي أكثر من غيره. أما في الوسط الحضري:بالنسبة للأحياء الشعبية حيث الوضع الإقتصادي ضعيف، نجد ظاهرة الهدر متزايدة مقارنة مع الأحياء الأخرى.
في الحقيقة مشكل المغادرة المبكرة للمدرسة هو معقد جدا و المعقد اكثر هو تحديد الأسباب التي تؤدي إلى مغادرة التلاميذ لمدارسهم. يقول السيد الشداتي مستشار اليونسيف : "عندما نلاحظ عامل يخص عدد كبير من التلاميذ الذين يغادرون الدراسة فهذا لا يعني وجود رابط السببية بين العامل و القيام بالمغادرة".
إن البحث الذي قامت به اليونسيف ، يوضح الأسباب الرئيسية للهدر المدرسي ، و قد قسم هذا البحث هذه الأسباب الى أسباب مدرسية و أسباب غير مدرسية.
أسباب الهدر المدرسي:
*الأسباب غير المدرسية: هي التي يصعب تحديدها لأنها تتعلق بالظروف الشخصية للفرد و التي تتعلق بظروف إجتماعية و إقتصادية.
الأسباب غير المدرسية يمكن تلخيصها في ما يلي:
- ضعف الدخل المادي للاسرة
- تشغيل الأطفال
- الوضع الصحي للطفل
- المشاكل العائلية : الطلاق، الشجار بين الأزواج ...
- أمية الآباء
- رد الفعل السلبي للآباء اتجاه المدرسة
- بعد المدارس عن المنازل
- الزواج المبكر عند البنات.
* الأسباب المدرسية: لها علاقة بالنظام التربوي السلبي الذي يعوق التلاميذ عن متابعة الدراسة.
الأسباب المدرسية يمكن حصرها فيما يلي:
- الفشل في الدراسة
- سوء العلاقة بين المعلم و التلميذ
- ضعف الوسائل البيداغوجية
- ضعف البنية التحتية للمدارس
- الغياب المتكرر للأستاذ
- الإحباط
- قلة الأنشطة الترفيهية
- ضعف المؤهلات لدى مديري المؤسسات
- قلة التكوينات الخاصة بمديري المؤسسات
- عدم ملاءمة التكوينات الأساسية للأساتذة مع متطلبات المدرسة و التلاميذ.
إن الأسباب الغير مدرسية تجعل ولوج التلاميذ الى المدرسة أمرا صعبا ، أما الأسباب الدراسية فهي تجعل الأطفال غير مهتمين بالمدرسة.
و الأمر الأكثر تعقيدا هو أن الآباء لا يرون في المدرسة سوى مؤسسة لتخريج المعطلين عن العمل، فالحصول على شهادة عليا لا يعني بالضرورة الحصول على عمل محترم.
*الأسباب غير المدرسية: هي التي يصعب تحديدها لأنها تتعلق بالظروف الشخصية للفرد و التي تتعلق بظروف إجتماعية و إقتصادية.
الأسباب غير المدرسية يمكن تلخيصها في ما يلي:
- ضعف الدخل المادي للاسرة
- تشغيل الأطفال
- الوضع الصحي للطفل
- المشاكل العائلية : الطلاق، الشجار بين الأزواج ...
- أمية الآباء
- رد الفعل السلبي للآباء اتجاه المدرسة
- بعد المدارس عن المنازل
- الزواج المبكر عند البنات.
* الأسباب المدرسية: لها علاقة بالنظام التربوي السلبي الذي يعوق التلاميذ عن متابعة الدراسة.
الأسباب المدرسية يمكن حصرها فيما يلي:
- الفشل في الدراسة
- سوء العلاقة بين المعلم و التلميذ
- ضعف الوسائل البيداغوجية
- ضعف البنية التحتية للمدارس
- الغياب المتكرر للأستاذ
- الإحباط
- قلة الأنشطة الترفيهية
- ضعف المؤهلات لدى مديري المؤسسات
- قلة التكوينات الخاصة بمديري المؤسسات
- عدم ملاءمة التكوينات الأساسية للأساتذة مع متطلبات المدرسة و التلاميذ.
إن الأسباب الغير مدرسية تجعل ولوج التلاميذ الى المدرسة أمرا صعبا ، أما الأسباب الدراسية فهي تجعل الأطفال غير مهتمين بالمدرسة.
و الأمر الأكثر تعقيدا هو أن الآباء لا يرون في المدرسة سوى مؤسسة لتخريج المعطلين عن العمل، فالحصول على شهادة عليا لا يعني بالضرورة الحصول على عمل محترم.
ما هي نتائج الهدر المدرسي ؟
أول نتائج الهدر المدرسي هو انتشار الأمية بين الشباب: النتيجة المباشرة للأمية هي من دون شك عدم الوعي والبطالة التي من شأنهما أن يولدا لدى الشباب الرغبة في الهجرة الى أوروبا -الحريك- ،أو الرغبة في الربح السريع عن طريق القيام بأنشطة غير مشروعة. باختصار الهدر المدرسي و البطالة هما سببان رئيسيان في انحراف الشباب. الشيء الذي يؤدي الى إنتشار الجريمة و ارتفاع مصاريف الدولة فيما يتعلق بتأسيس نقط للمراقبة وأيضا لإنشاء مؤسسات إصلاحية لإعادة تأهيل هذه الشريحة.
أول نتائج الهدر المدرسي هو انتشار الأمية بين الشباب: النتيجة المباشرة للأمية هي من دون شك عدم الوعي والبطالة التي من شأنهما أن يولدا لدى الشباب الرغبة في الهجرة الى أوروبا -الحريك- ،أو الرغبة في الربح السريع عن طريق القيام بأنشطة غير مشروعة. باختصار الهدر المدرسي و البطالة هما سببان رئيسيان في انحراف الشباب. الشيء الذي يؤدي الى إنتشار الجريمة و ارتفاع مصاريف الدولة فيما يتعلق بتأسيس نقط للمراقبة وأيضا لإنشاء مؤسسات إصلاحية لإعادة تأهيل هذه الشريحة.
ما هي استراتيجية محاربة الهدر المدرسي؟
نظرا لصعوبة هذه الاشكالية و ارتباطها بمختلف تكوينات المجتمع، فإن تحديد استراتيجية لمحاربة الهدر المدرسي تبقى من التحديات التي تواجهها الحكومات. و لشرح ذلك يجب التطرق الى الموضوع من خلال محورين رئيسيين:
نظرا لصعوبة هذه الاشكالية و ارتباطها بمختلف تكوينات المجتمع، فإن تحديد استراتيجية لمحاربة الهدر المدرسي تبقى من التحديات التي تواجهها الحكومات. و لشرح ذلك يجب التطرق الى الموضوع من خلال محورين رئيسيين:
المحور الأول: بناءا على البرامج التي تم تحقيقها في السنوات يمكننا تسجيل ثلاث نقط رئيسية:
1. ضرورة إنشاء مقاربة نظامية يعني تسليط الضوء على العلاقات بين أطراف المجتمع : التلاميذ ، المعلمين ، ...
2. ضرورة إنشاء مقاربة تشاركية ممكن من خلالها اعتبار التلاميذ المشاركين الرئيسيين في العمل التربوي ، لهذا يجب الانصات لهم و لاقتراحاتهم.
3. الوقاية خير من العلاج ، للقيام بهذا وجب العمل على تحقيق سبل الوقاية من الهدر المدرسي:
1. الوقاية من الهدر المدرسي
2. دعم و إعادة إدماج التلاميذ الذين غادروا المدرسة
ان الوقاية من الهدر المدرسي يمكن القيام به من خلال إنشاء خلايا في كل مدرسة ، هذه الخلايا يجب أن تتكون من المديرين، الأساتذة ، الجمعيات المحلية و الأباء. هدف هذه الخلايا هو تقديم الدعم للتلاميذ المعرضين للمغادرة. ويمكن أن يكون هذا الدعم:
- بيداغوجيا للذين يغادرون بسبب الرسوب
- اجتماعيا للذين يعانون من مشاكل اجتماعية.
دور هذه الخلايا هو البحث عن التلاميذ الذين يفكرون في المغادرة ، وتوجيههم و ايضا دراسة وتحليل مشاكل التعلم عندهم و اقامة فضاء للانصات للمشاكل الاجتماعية و النفسية التي يعانون منها.
1. ضرورة إنشاء مقاربة نظامية يعني تسليط الضوء على العلاقات بين أطراف المجتمع : التلاميذ ، المعلمين ، ...
2. ضرورة إنشاء مقاربة تشاركية ممكن من خلالها اعتبار التلاميذ المشاركين الرئيسيين في العمل التربوي ، لهذا يجب الانصات لهم و لاقتراحاتهم.
3. الوقاية خير من العلاج ، للقيام بهذا وجب العمل على تحقيق سبل الوقاية من الهدر المدرسي:
1. الوقاية من الهدر المدرسي
2. دعم و إعادة إدماج التلاميذ الذين غادروا المدرسة
ان الوقاية من الهدر المدرسي يمكن القيام به من خلال إنشاء خلايا في كل مدرسة ، هذه الخلايا يجب أن تتكون من المديرين، الأساتذة ، الجمعيات المحلية و الأباء. هدف هذه الخلايا هو تقديم الدعم للتلاميذ المعرضين للمغادرة. ويمكن أن يكون هذا الدعم:
- بيداغوجيا للذين يغادرون بسبب الرسوب
- اجتماعيا للذين يعانون من مشاكل اجتماعية.
دور هذه الخلايا هو البحث عن التلاميذ الذين يفكرون في المغادرة ، وتوجيههم و ايضا دراسة وتحليل مشاكل التعلم عندهم و اقامة فضاء للانصات للمشاكل الاجتماعية و النفسية التي يعانون منها.
المحور الثاني: يتعلق بإنجاز برنامج تربوي غير نظامي للأطفال الذين غادروا المدرسة : التربية الغير نظامية توفر للأطفال الذين غادروا المدرسة فرصة انهاء دراستهم في دروس مبسطة . إن مشروع التربية الغير نظامية مسير عموما من طرف الجمعيات المحلية، الوطنية و الدولية.
**********
الهدر المدرسي: المفهوم،الأسباب،سبل الحل
أما الهدر في مفهومه العام، فهو الانقطاع عن الدراسة, و عدم اتمام مرحلة من مراحل التعليم . و هو من بين المؤشرات التي يعتمد عليها في تحديد جودة منظومة تربوية ما . و قد سببت نسبه المرتفعة قلقا كبيرا لمختلف المعنيين والمهتمين بقطاع التربية و التكوين، نظرا لما يسببه من نزيف و هدر للموارد المادية و البشرية للوزارة , و نظرا لعواقبه الوخيمة على المجتمع و على المنقطع -عن الدراسة- نفسه . فقد يتسبب في انتشار الأمية و الجهل و البطالة . و يقلل من فرص الاندماج مع عالم اليوم ,الذي لا مكان فيه لأمي و لا لجاهل .
هذا بالاضافة الى نشر الانعزالية و التطرف و انعدام الثقة بالنفس .فما هي أسباب هذه الظاهرة الخطيرة ؟و كيف يمكن الحد منها ؟
لا شك ان للهدر المدرسي ,أسباب متداخلة , منها ما هو اجتماعي و منها ماهو اقتصادي و منها ماهو تربوي و منها ايضا ما هو ذاتي مرتبط بشخصية المتعلم و العوامل المؤثرة فيها .
1 - أسباب اجتماعية :
- نحن نعلم أن الأسرة هي المربي الأول ففي أحضانها تتحدد بعض سمات شخصية المتعلم، فكلما كانت متماسكة و متوحدة و منسجمة، شكلت اطارا آمنا للطفل. و كلما كان العكس، يشعر الطفل بعدم الرضى و يحس بالعزلة و التهميش، الشيء الدي يدفعه الى اثارة اهتمام الاخرين بمزيد من الشقاوة والشغب وعدم الامتثال، مما يضاعف من فشله الدراسي . و اذا لم ينتبه اليه في الوقت المناسب، سيتضاعف ذلك الفشل و يولد تكرار التكرار أو الفصل النهائي، أو المغادرة الطوعية له من المدرسة .
- رفقة السوء :
ان المتعلم الذي لا يحسن اختيار الأصدقاء، قد يتأثر برفقة السوء خصوصا اذا كان الرفقاء من المنقطعين عن الدراسة ، و المتلذذين بحرية غير مراقبة، فينجرف المتعلم مع تياراتهم ، وبذلك يتضاعف عنده الكره للمدرسة التي تتطلب نوعا من الانضباط و النظام .
- العادات و التقاليد:
ان الكثير من الأسر، تنظر الى الفتاة نظرة سلبية وتنطبع بالرؤية التقليدية لها التي ترى أن مآل و مصير البنت البالغة هو إلى بيت الزوجية ، ومن تم ينتظرون العريس في كل لحظة و حين , و كأنها مادة ينبغي التخلص منها بسرعة .
- النظر الى مآل مخرجات المدرسة:
هناك من الأسر التي تنظر الى مخرجات المدرسة نظرة تشاؤمية -شباب مجازعاطل أو حاصل على شهادات عليا ولا يجد عملا- و هي هنا تتغافل عن كون مهن المستقبل تتطلب نوعا من التعلم و التحكم في تقنيات التكنولوجية و الاليكترونية . فكم من الشركات الآن تبحث عن اشخاص بمواصفات خاصة في العديد من التخصصات الحديثة ولا تجدهم .
اضف الى ذلك أن العديد من الأسر تقتنع باليسير من العلم و تعمد الى اخراج ابنائها من المدرسة لتسيير تجاراتهم ، أو مساعدتهم في الأعمال الفلاحية أو الحرفية .
- انتشارظاهرة التعاطي للمخدرات في الأوساط الشبابية المتمدرسة . لها آثارها السلبي على المتعلم في التحصيل و مسايرة رفاقه في الصف الدراسي .
2 - الأسباب الاقتصادية
هنا يبرز الفقر كأهم سبب لهذه الظاهرة. فالعديد من الأسرالفقيرة، لها العديد من الأبناء المتمدرسين، مما يصعب مع ذلك توفير جميع مستلزمات الدراسة، من كتب و أدوات و نقل و اقامة -في العديد من المناطق التي تبعد عنها المؤسسات الاعدادية أو الثانوية-. فيعمد الأب الى اخراج البعض من أبنائه وقد تكون الفتيات هن الضحايا ,وهناك من الآباء من يفضل ان يتعلم ابنه حرفة من الصغر فيتوجه به الى ورشة ما. ويسعد هو بالأجر الزهيد الذي يحصله أسبوعيا من المعلم (صاحب الورشة). أو ان يرسله في هجرة داخلية للعمل بأوراش البناء بقصد مساعدة الأسرة.
3 - عوامل تربوية:
و نجد من ضمنها
- عدم توفر المدرسة على الشروط الضرورية التي تحبب المدرسة للمتعلم .
- قلة الأنشطة الموازية و الفنية و الرياضية .
- عدم قدرة المتعلم على الاندماج مع اصدقائه .
- الافراط في التأديب و العقاب
- برامج لا تجيب المتعلم عن أسئلته و احتياجاته .
- الشعور بالفشل الدائم ، و عدم التدخل في الوقت المناسب من طرف الأسرة أو المدرسة .
- بعد المدرسة عن السكن أوعدم توفر وسيلة النقل ،أو عدم انتظامها مع أوقاته و ايقاعاته المدرسية .
- ضعف التواصل أو انعدامه بين المدرسة و الأسرة .
- عدم التنفيذ الجيد للبرنامج السنوي للمؤسسة .
- انعدام الأمن بالمؤسسة أو بجنباتها .
4 - عوامل داتية تتعلق بشخصية المتعلم :
- احتقار النفس لضعف المستوى المادي أو الفكري أو للفشل الدائم .
- الرغبة الشديدة في الحرية و عدم القدرة على الانضباط .
- الانطوائية المرضية المبالغ فيها .
- عدم القدرة على الاندماج و التكيف مع الجماعة (ضعف القدرة التواصلية للمتعلم )
- ضعف الثقة بالنفس و الخجل المبالغ فيه ، أو الخوف المرضي .
5 - سبل الحد من الهدر المدرسي:
للحد من هذه الظاهرة، لابد من توعية الأسر بأهمية التعليم في حياتنا. وبأنه حق من حقوقهم الأساسية .تضمنه لهم المواثيق الدولية مثل: اتفاقية حقوق الطفل .كما يضمنه الدستور . و ان مصلحة الطفل الفضلى هي، في أن يتابع دراسته .
*تفعيل دور لجنة اليقظة لتتبع تغيبات المتعلمين ، والتدخل في الوقت المناسب ، قبل ان تتحول الى انقطاع كلي ، وذلك بدراسة اسبابها و مساعدة المتعلمين على حل مشاكلهم الخارجية و الداخلية ,المرتبطة بالحياة المدرسية .
*العمل ما أمكن على تقريب المؤسسات التعليمية بالتجمعات السكنية المهمة .كاحداث أنوية اعدادية .أو بناء داخليات ودور للطالبات .
*العمل ايضا على توفير النقل المدرسي و تنظيمه . او تزويد المتعلمين بدراجات عادية ,وذلك بشراكة مع جمعيات الآباء , أو جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالتربية و التكوين .
*تحبيب الفضاء المدرسي, و توفير جميع الشروط السوسيو بيداغوجية. و توفير بنية تحتية مناسبة .
*الانفتاح على المتعلم و التفاعل معه بشكل ايجابي ,باعتماد طرق تنشيط حديثة و مرنة ,تراعي خصوصية المتعلمين و حاجياتهم و رغباتهم و ميولاتهم .
*العمل على اشراك المتعلمين في كل القضايا التي تخصهم و التقرب منهم ما أمكن .
هذه بعض التدابير التي يمكن اعتمادها للحد من هذه الظاهرة.
1 - أسباب اجتماعية :
- نحن نعلم أن الأسرة هي المربي الأول ففي أحضانها تتحدد بعض سمات شخصية المتعلم، فكلما كانت متماسكة و متوحدة و منسجمة، شكلت اطارا آمنا للطفل. و كلما كان العكس، يشعر الطفل بعدم الرضى و يحس بالعزلة و التهميش، الشيء الدي يدفعه الى اثارة اهتمام الاخرين بمزيد من الشقاوة والشغب وعدم الامتثال، مما يضاعف من فشله الدراسي . و اذا لم ينتبه اليه في الوقت المناسب، سيتضاعف ذلك الفشل و يولد تكرار التكرار أو الفصل النهائي، أو المغادرة الطوعية له من المدرسة .
- رفقة السوء :
ان المتعلم الذي لا يحسن اختيار الأصدقاء، قد يتأثر برفقة السوء خصوصا اذا كان الرفقاء من المنقطعين عن الدراسة ، و المتلذذين بحرية غير مراقبة، فينجرف المتعلم مع تياراتهم ، وبذلك يتضاعف عنده الكره للمدرسة التي تتطلب نوعا من الانضباط و النظام .
- العادات و التقاليد:
ان الكثير من الأسر، تنظر الى الفتاة نظرة سلبية وتنطبع بالرؤية التقليدية لها التي ترى أن مآل و مصير البنت البالغة هو إلى بيت الزوجية ، ومن تم ينتظرون العريس في كل لحظة و حين , و كأنها مادة ينبغي التخلص منها بسرعة .
- النظر الى مآل مخرجات المدرسة:
هناك من الأسر التي تنظر الى مخرجات المدرسة نظرة تشاؤمية -شباب مجازعاطل أو حاصل على شهادات عليا ولا يجد عملا- و هي هنا تتغافل عن كون مهن المستقبل تتطلب نوعا من التعلم و التحكم في تقنيات التكنولوجية و الاليكترونية . فكم من الشركات الآن تبحث عن اشخاص بمواصفات خاصة في العديد من التخصصات الحديثة ولا تجدهم .
اضف الى ذلك أن العديد من الأسر تقتنع باليسير من العلم و تعمد الى اخراج ابنائها من المدرسة لتسيير تجاراتهم ، أو مساعدتهم في الأعمال الفلاحية أو الحرفية .
- انتشارظاهرة التعاطي للمخدرات في الأوساط الشبابية المتمدرسة . لها آثارها السلبي على المتعلم في التحصيل و مسايرة رفاقه في الصف الدراسي .
2 - الأسباب الاقتصادية
هنا يبرز الفقر كأهم سبب لهذه الظاهرة. فالعديد من الأسرالفقيرة، لها العديد من الأبناء المتمدرسين، مما يصعب مع ذلك توفير جميع مستلزمات الدراسة، من كتب و أدوات و نقل و اقامة -في العديد من المناطق التي تبعد عنها المؤسسات الاعدادية أو الثانوية-. فيعمد الأب الى اخراج البعض من أبنائه وقد تكون الفتيات هن الضحايا ,وهناك من الآباء من يفضل ان يتعلم ابنه حرفة من الصغر فيتوجه به الى ورشة ما. ويسعد هو بالأجر الزهيد الذي يحصله أسبوعيا من المعلم (صاحب الورشة). أو ان يرسله في هجرة داخلية للعمل بأوراش البناء بقصد مساعدة الأسرة.
3 - عوامل تربوية:
و نجد من ضمنها
- عدم توفر المدرسة على الشروط الضرورية التي تحبب المدرسة للمتعلم .
- قلة الأنشطة الموازية و الفنية و الرياضية .
- عدم قدرة المتعلم على الاندماج مع اصدقائه .
- الافراط في التأديب و العقاب
- برامج لا تجيب المتعلم عن أسئلته و احتياجاته .
- الشعور بالفشل الدائم ، و عدم التدخل في الوقت المناسب من طرف الأسرة أو المدرسة .
- بعد المدرسة عن السكن أوعدم توفر وسيلة النقل ،أو عدم انتظامها مع أوقاته و ايقاعاته المدرسية .
- ضعف التواصل أو انعدامه بين المدرسة و الأسرة .
- عدم التنفيذ الجيد للبرنامج السنوي للمؤسسة .
- انعدام الأمن بالمؤسسة أو بجنباتها .
4 - عوامل داتية تتعلق بشخصية المتعلم :
- احتقار النفس لضعف المستوى المادي أو الفكري أو للفشل الدائم .
- الرغبة الشديدة في الحرية و عدم القدرة على الانضباط .
- الانطوائية المرضية المبالغ فيها .
- عدم القدرة على الاندماج و التكيف مع الجماعة (ضعف القدرة التواصلية للمتعلم )
- ضعف الثقة بالنفس و الخجل المبالغ فيه ، أو الخوف المرضي .
5 - سبل الحد من الهدر المدرسي:
للحد من هذه الظاهرة، لابد من توعية الأسر بأهمية التعليم في حياتنا. وبأنه حق من حقوقهم الأساسية .تضمنه لهم المواثيق الدولية مثل: اتفاقية حقوق الطفل .كما يضمنه الدستور . و ان مصلحة الطفل الفضلى هي، في أن يتابع دراسته .
*تفعيل دور لجنة اليقظة لتتبع تغيبات المتعلمين ، والتدخل في الوقت المناسب ، قبل ان تتحول الى انقطاع كلي ، وذلك بدراسة اسبابها و مساعدة المتعلمين على حل مشاكلهم الخارجية و الداخلية ,المرتبطة بالحياة المدرسية .
*العمل ما أمكن على تقريب المؤسسات التعليمية بالتجمعات السكنية المهمة .كاحداث أنوية اعدادية .أو بناء داخليات ودور للطالبات .
*العمل ايضا على توفير النقل المدرسي و تنظيمه . او تزويد المتعلمين بدراجات عادية ,وذلك بشراكة مع جمعيات الآباء , أو جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالتربية و التكوين .
*تحبيب الفضاء المدرسي, و توفير جميع الشروط السوسيو بيداغوجية. و توفير بنية تحتية مناسبة .
*الانفتاح على المتعلم و التفاعل معه بشكل ايجابي ,باعتماد طرق تنشيط حديثة و مرنة ,تراعي خصوصية المتعلمين و حاجياتهم و رغباتهم و ميولاتهم .
*العمل على اشراك المتعلمين في كل القضايا التي تخصهم و التقرب منهم ما أمكن .
هذه بعض التدابير التي يمكن اعتمادها للحد من هذه الظاهرة.
**********
دور المدرسة في الهدر المدرسي:
إلى أي حد يمكن إعفاء المدرسة من مسؤولياتها في ظاهرة الهدر المدرسة؟
- لعلنا نذكر نكتا و مستملحات عن حب الطفل للعطلة، كما نلاحظ أنه ما أن نعلن عن غياب مدرس ما لسبب من الأسباب حتى تعم حالة من الفرح يتم التعبير عنها أحيانا جهارا، هذا يعني أن هناك حالة من التنافر بين التلميذ والمدرسة قد نجد لها بعض التفسيرات فيما يلي:
- سيادة المناهج التقليدية التي تحول التلميذ إلى وعاء لاستقبال المعارف عليه تقبل ما يتلقاه من مدرسه الذي هو الوحيد الذي يمتلك المعرفة. مع غياب تام لعنصر التشويق و تحبيب الدراسة: مقررات مكدسة، كتب دراسية جافة غير مشوقة، معارف بعيدة كل البعد عن الحياة اليومية للمتعلم......
- عدم مراعاة قدرات الطالب في تعليم يركز على المتوسط يحس فيه المتفوق أنه غير معني بما يقدم من معارف فيتقاعس، و يحس فيه الضعيف أنه لن يصل يوما إلى فهم ما يقدم له فيفضل الهروب من مدرسة عاجزة عن تقديم معارف جديدة له. و قد يكون الإحساس بالضعف شاملا بمعنى أن التلميذ يعجز عن ملاحقة المتعلمين في مستواهم، و قد يحصل أن يكون التلميذ غير قادر على تعلم بعض المواد التي يحس فيها بالضعف كالمواد العلمية (الرياضيات مثلا) أو بعض - أنظمة الامتحانات التي تغفل قدرات التلاميذ طيلة العام الدراسي و إهمال نشاطهم اليومي و الاعتداد بنتائج الاختبارات- الكتابية الفصلية و السنوية اللغات الأجنبية (الفرنسية مثلا)..
حالات كثيرة يتعرض فيها التلميذ للفصل بقرار إداري يكون نتيجة حوادث تقع بينه و بين مدرس أو مجموعة مدرسين. و السبب هو تحول المدرسة في بعض الأحيان إلى حلبة لاستعراض العضلات من هذا الطرف أو ذاك: فتحدث مشاداة كلامية بين مدرس و تلميذ لا لشيء إلا لأن المدرس لا يمتلك المرونة الكافية التي تجعل المراهق يحس أنه أخطأ التصرف مع مدرسه دون اللجوء إلى أساليب العقاب التقليدية التي تبقى في كل الأحوال محرمة من لدن القوانين المحلية.
- ينضاف إلى ذلك ما تتناقله وسائل الإعلام من وقت لآخر لفلتان أخلاقي من طرف بعض المدرسين الذي قد يلجأون إلى تصرفات غير أخلاقية كالتحرش الجنسي بالصغار
**********
الدعم البيداغوجي من دعامات محاربة الهدر
يعتبر الدعم البيداغوجي أحد مقومات محاربة ظاهرتي الهدر والتكرار المدرسيين، وإستراتيجية تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص، وتقليص الفارقية بين فئات القسم الواحد، وبين المستويات نفسها داخل المدرسة الواحدة، بغية الحصول على الجودة التربوية عن طريق انتقال التلاميذ بمعدلات حقيقية وضمان حقهم في متابعة دراستهم حتى السنة 15 من أعمارهم، وهي الأهداف التي تسعى وزارة التربية الوطنية إلى تحقيقها من خلال تنزيل وأجرأة البرنامج الاستعجالي الذي خص الدعم البيداغوجي حيزا مهما في مجاله الأول.ولتحقيق هذه الأهداف عن طريق دعم ناجع وفعال، يجد الأستاذ نفسه ملزما بتوفير الظروف الضرورية والوسائل الكفيلة للشروع في تنفيذ إستراتيجية علاجية لتعثرات التلاميذ وفق برنامج دقيقة أهدافه، واضحة معالمه، وقابل للتقويم، الذي يأتي بعد تشخيص الثغرات والتعثرات، وهكذا تصبح عمليات التشخيص والتقويم والدعم عناصر متكاملة ومرتبطة ارتباطا متينا.
والحديث عن الدعم البيداغوجي، يجرنا إلى استحضار أشكاله ووسائله، وآليات تنفيذه، وتنظيم الفضاء الذي يجرى فيه، وتحديد زمانه، وعدد حصصه، والعنصر البشري الداعم.
وتتعدد أشكال الدعم البيداغوجي بتعدد وتنوع مصادر التعثر، ويخطئ من يربط الفشل الدراسي وتعثر التلاميذ بضعف مستواهم المعرفي لوحده، بل يمكن أن تكون أسباب وجوانب أخرى وراء تفشي ظاهرتي التكرار والهدر المدرسي. إن تعثر التلميذ في مساره الدراسي قد تكون وراءه مشاكل اجتماعية أسرية شوشت عليه، وأصبحت حجر عثرة أمام تطور مستواه المعرفي.
وقد تكون الضائقة المالية التي تعانيها أسرته سببا في النتيجة، وقد يكون المتعثر ضحية اعتداءات وصدمات نفسية.
من خلال تشخيص مكامن الضعف والداء وتحديد مجالات التعثر ومصادره، يمكن وضع خطة داعمة، وإذا كان الجانب المعرفي يقتضي دعما داخل الحجرة الدراسية، عن طريق تنويع الأنشطة وتكييفها والعمل بمجموعات، فإن الدعم النفسي يقتضي سرية وفضاء أكثر حرية، تذوب فيه طقوس القسم، لتوفير ظروف مناسبة للأستاذ أو المساعد الاجتماعي أو الطبيب النفسي من جهة، وتتيح الفرصة للمتعلم للبوح بما يخفيه عن زملائه وبما عن أقارب، وهذا يقتضي من الأستاذ الداعم حسن الإنصات، حتى تسهل عليه عملية تحديد مجالات التدخل وأساليبه، التي تختلف باختلاف مستويات أسر المتعثرين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولتحديد أوجه الدعم لا بد من استحضار خصائص المنطقة التي تستقر فيها الفئة المستهدفة، بادية شبه بادية، مدينة، وجود نقل مدرسي من عدمه، توفر العدة المدرسية وافتقار المتعلم المتعثر إليها، وبناء على هذه المعطيات يمكن تحديد أوجه تدخلات الأطراف الداخلية في المنظومة التربوية (مدير الأكاديمية، نواب الوزارة، أساتذة مدير تلاميذ القسم أو المدرسة)، أو بمشاركة الأطراف الخارجية (الطبيب والجماعات المحلية، جمعيات المجتمع المدني، المحسنون والمنظمات الدولية( يونسيف ).
وهنا نتساءل عن دور الجماعات المحلية في دعم التلاميذ المتعثرين، ليجيبنا الواقع بأنه ينحصر في اقتناء نسبة من الكتب والأدوات المدرسية خلال بداية السنة الدراسية، فدور هذه المؤسسات المنتخبة لم يرق بعد لدعم التلاميذ خصوصا بالوسط القروي، حيث تنعدم وسائل النقل ما يضطر معه التلاميذ إلى قطع مسافات طويلة للالتحاق بالمدرسة.
وحتى تأتي عملية الدعم بالنتائج المرجوة منها، يجب أن يبنى على معطيات علمية منبثقة من تشخيص أسباب ارتفاع نسبة التكرار والهدر المدرسي والتسرب، وتحليل أسباب تعثر التلاميذ ومصادره لتحديد تدخل مناسب وناجع في مجال الدعم البيداغوجي.
ولن يتأتى تحقيق الأهداف المتوخاة من العملية، إلا إذا تم اختيار وقت مناسب لتنفيذها، والأخذ بعين الاعتبار انشغالات التلميذ وميوله وأوقات راحته، وانتقاء أساتذة قادرين على تحبيب الدراسة لدى المتعلمين بدل مدرسين يرعبونهم ويسخرون منهم كلما ارتكبوا أخطاء. مربون لهم دراية كافية بديداكتيك المواد ومنهجية تدرسيها، وببيداغوجية الخطأ والفارقية، يتميزون بسلوك حسن ومواظبة العالية، وشخصية قوية، يتخذهم المتعثرون قدوة يمكن أن يتخذهم المتعلمون قدوة في الإخلاص والجد وحسن الإنصات.
**********
المشروع 5 يسعى إلى كسب معركة الهدر المدرسي باعتماد التتبع الفردي للتلاميذ ودعم المتعثرين
ظل الهدر المدرسي بمثابة الشبح الجاثم باستمرار على صدر المنظومة التربوية الوطنية، بسبب ما يمثله من استنزاف حقيقي للجهود والميزانيات، إذ يرفع التكلفة النهائية لخريج هذه المنظومة عاليا. بالمقابل، ظل هم النهوض بمردودية النظام التربوي حاضرا في مختلف الإصلاحات التي تبنتها الحكومات المتعاقبة منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي، من خلال البحث المستمر عن مختلف الوسائل والآليات التي تمكن من رفع بعض مؤشرات الكفاية الداخلية للنظام التعليمي، وفي مقدمتها، مؤشر الاحتفاظ بالتلاميذ أطول مدة ممكنة، خصوصا بالسلكين التعليميين بالابتدائي والإعدادي، وكذا مؤشر النجاح، وعلى رأس هذه الآليات ما يصطلح عليه بالدعم البيداغوجي بمختلف أنواعه وصيغة ومستوياته والمتدخلين فيه.لقد اضطر المشروع الاصلاحي الذي تبنته الحكومة سنة 1985 بمناسبة تطبيق التعليم الاساسي القاضي بإلزامية التعليم طيلة تسع سنوات، عبر مبدأي تعميم التمدرس وتعميم النجاح، إلى اعتماد ما سمي حينها ببيداغوجيا الدعم والتقوية، غير أن النتائج كانت كارثية، وبالتالي تبخر مشروع التعليم الأساسي وصار في خبر كان.
وبحلول سنة 1998 صاغ التوافق الوطني ما أطلق عليه آنذاك الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي اعتبر، صراحة وضمنا، نصا وروحا، الهدر المدرسي إحدى معاركه الأساسية، فسطر من أجل ربح هذه المعركة عددا من الدعامات، منها ما هو كمي كرفع نسبة التمدرس ورفع نسبة النجاح، وتقليص نسبة التسرب، ومنها ما هو نوعي استهدف احداث تغييرات على مستوى البرامج والمناهج الدراسية والمقررات والكتب المدرسية. وحدد الميثاق نفسه مواصفات مواطن الغد، تلميذ اليوم، عمل الكتاب الأبيض والدلائل التي تلته (الدليل البيداغوجي تحديدا) على اجرأتها في صيغة كفايات، معتبرا الدعم، إضافة إلى عمليتي التدريس والتقويم، إحدى الآليات لتحقيق هذه الكفايات، والذي بدونه يستعصي هذا التحقيق.
ولم يكن الميثاق الوطني أوفر حظا من إصلاح سنة 1985، إذ ظلت نسبة الانقطاع عن الدراسة عالية جدا (6 في المائة في السلك الابتدائي و12 في المائة في السلك الإعدادي)، كما ظلت الخدمات التربوية متدنية، فالمحتويات والكفايات ظلت بعيدة عن أن تخدم الحاجيات الأساسية والحقيقية للمتعلمين، وبعيدة بالتالي عن الاستجابة لمتطلبات الحياة الاجتماعية وسوق الشغل بالتحديد، وبقيت الطرائق والأساليب عاجزة عن تنمية روح المبادرة والتكوين الذاتي والعمل الجماعي، واستمرت عملية التدريس تمارس في ظروف أقل ما يقال عنها إنها مزرية لا تصون كرامة المتعلم وحقوقه، لتفرز في الاخير نتائج تحصيل هزيلة.
من هنا جاء المشروع الخامس، ضمن المخطط الاستعجالي، للتصدي لهذا النزيف بهدف تقليص نسبة الانقطاع ورفع نسبة النجاح، وفي الوقت نفسه الارتقاء بجودة المنتوج التعليمي΅ إذ يرمي المشروع 5 إلى تمكين 90 في المائة من فوج 2010/2009 من استكمال سنوات التعليم الابتدائي دون تكرار في أفق 2015/2014، وتمكين 80 في المائة من الفوج ذاته من إتمام سنوات الدراسة بالثانوي الإعدادي دون تكرار في أفق 2017/2018
ولبلوغ هذه الاهداف، يعتمد المشروع 5 آليتين أساسيتين، هما التتبع الفردي للتلميذ ابتداء من السنة الأولى الابتدائية ليمتد طيلة سنوات التمدرس باعتماد بطاقة للتتبع، ثم دعم التلاميذ المتعثرين، دعم مدرسي مؤسسي من خلال استعمال الزمن الاسبوعي للمدرس، أي ثلاث ساعات أسبوعية بالسلك الابتدائي، وأربع ساعات بالسلك الثانوي الاعدادي، وكذا تنظيم دورات تدريبية للدعم وتأهيل التلاميذ خلال الفترات البينية.
أما مجالات الاشتغال، فتحدد في ثلاثة، أولها المشروع الثامن ويرمي إلى دعم قدرة المتعلمين على دمج الموارد في وضعيات إشكالية دالة، وثانيها المشروع رقم 11، ويستهدف دعم الموارد النهائية ومن خلالها الموارد المرحلية، وآخرها مجال اشتغال المشروع 5، الذي يسعى إلى دعم الموارد المرحلية المدرسة أسبوعيا في المجالات الثلاثة، أي القراءة والكتابة والرياضيات.
ورغم المجهود النظري المبذول في هذا السياق، والميزانيات المخصصة للدعم الاجتماعي لفائدة التلاميذ المتحدرين من أسر معوزة، فإن الحاجة تبدو ملحة إلى إيلاء الدعم النفسي الأهمية القصوى، وذلك لأنه يستحيل أن يصلح الدعم البيداغوجي مخلفات ومضاعفات حالات من قبيل التفكك الأسري والعقد النفسية، كما لا يمكن أن تفيد الطرائق والأساليب التي انتجت التعثر في علاجه. من هنا فلا مناص من اعتماد آلية الدعم السيكولوجي الذي يتكفل به الاخصائي النفسي والاجتماعي الذي أصبح وجوده بالمؤسسة التعليمية من الضروريات.
*********
دفتر التتبع الفردي : عدة تربوية لمصاحبة التلاميذ المتعثرين دراسيا للحد من الهدر المدرسي
تستنزف معضلة الهدر المدرسي طاقات وإمكانيات الوزارة الوصية التي وضعت برنامجا استعجاليا للتقليص من نسب هذه الآفة التي أصبحت سمة مميزة للمدرسة المغربية، ونظرا لخطورة الظاهرة تبنت مديرية التربية غير النظامية مقاربة شمولية لمعالجة ظاهرة عدم تمدرس الأطفال وكذا انقطاعهم المبكر عن الدراسة للتقليص من نسب الهدر المدرسي التي أصبحت مقلقة بدمجها بين المقاربة العلاجية من خلال برامج الفرصة الثانية، وكذا المقاربة الوقائية من خلال البرنامج الوطني للحد من الانقطاع عن الدراسة (المشروع 5).
وتميز الدخول المدرسي الجاري بتفعيل نظام التتبع الفردي للتلميذ باعتباره آلية وقائية لتتبع مسار التلاميذ المتعثرين دراسيا وتقديم الدعم البيداغوجي الكافي وتوفير عدة مدرسية للمتعثرين منهم بهدف إدماجهم ضمن السيرورة التعليمية عبر تجسيد مبدإ تكافؤ الفرص بين كافة المتمدرسين.
وتتكون العدة من دفتر التتبع الفردي للتلميذ ومن دليل الإجراءات التنظيمية يحدد العمليات المرتبطة بتنفيذ التتبع، وكذا تحديد المتدخلين ومهام كل واحد منهم.
ويتضمن دفتر التتبع الفردي بطاقة المعلومات لرصد المتغيرات السوسيو تربوية للتلميذ منذ يوم تسجيله بالسنة الأولى للتعليم الابتدائي إلى غاية إتمامه مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي التي تعتبر مرحلة حاسمة في مسار التلميذ الدراسي.
وتتضمن العدة التربوية التي توخت استحضار جميع المعطيات المرتبطة بتعلم جيد للتلميذ معلومات حول المؤسسة التعليمية، وكذا مساره الدراسي معلومات حول حالته الصحية وحول حالته العائلية ومحيطه المدرسي وكذا شبكة لتتبع تعلماته تتكون من مجالات تشكل موضوع هذا التتبع، إذ تم الحرص على أن تغطي هذه لمجالات معظم أوجه النشاط الشخصي والمدرسي التي عادة ما تمثل بعض أبعادها عوامل التعثر الدراسي والانقطاع عن الدراس، وكذا مجال الكفايات المرتبطة بالمواد.
في هذا السياق، أشار فاعل تربوي أن العدة التربوية التي تتوخي إرساء الموارد التي تم إدماجها من أجل تطوير الكفايات سواء المرتبطة بمجال الكفايات المنهجية أي تلك التي تحيل إلى كل ما يتعلق بأساليب البحث والاستثمار وتدبير التعلم الذاتي أو مجال الكفايات المرتبطة بالجانب الشخصي والاجتماعي، ويتعلق الأمر بالاستقلالية في العمل وتدبيره ثم الجوانب العلائقية المرتبطة بالتواصل والتسامح والتنافس الشريف، إضافة إلى جانب الاستقلالية في تدبير العمل.
وأضاف أن عدة التتبع الفردي تتميز بمجموعة من الإيجابيات تتجسد في ثلاثة مستويا، إذ أن المستوى الأول يتمثل في جمع المعطيات حول كل تلميذ وكذا مساره الدراسي قصد إبراز نقط قوته وكذا العوامل التي تعيق متابعته للدراسة بشكل طبيعي وناجح، سواء منها العوامل البيداغوجية والنفسية والصحية والتواصلية أو العوامل الخارجية المرتبطة بالهشاشة الاجتماعية أو البعد عن المدرسة. ويمكن اعتبار العدة التربوية وسيلة لمساعدة التلاميذ على النجاح ووسيلة للتواصل بين المدرسين فيما بينهم وكذا الإدارة التربوية.
أما المستوى الثاني، فيمكن التتبع في المعطيات التي يوفرها حول المسار الدراسي للتلاميذ والنتائج التي يفضي إليها من خلال تحليل هذه المعطيات والوقوف على طبيعة ومردودية الممارسات البيداغوجية والتربوية داخل الفصول الدراسية للبحث عن أسباب التعثر الدراسي وضعف الاكتساب لدى التلاميذ ما يدفع الفريق التربوي إلى البحث عن الأسباب لإيجاد الحلول الناجعة.
أما المستوى الثالث، فيرتبط بالأثر الاستراتيجي للتتبع الفردي للتلاميذ الذي يروم تغيير علاقة الفاعلين التربويين بمهنة التدريس سيما الأساتذة منهم وكذا تمثلاتهم لأدوارهم ومسؤولياتهم التربوية ما يؤدي إلى الرفع من جودة الممارسات التربوي.
وأكد المصدر ذاته الأثر المتوخى من التتبع الفردي في المتمثل في تفعيل اليقظة التربوية داخل المؤسسات التعليمية لكي تصبح عملا لا تقوم به خلية اليقظة كبنية معزولة داخل المؤسسة فحسب، بل يصبح كل العاملين بالمؤسسة التربوية معنيين باليقظة التربوية باعتبارها ممارسة دائمة من صميم العمل اليومي للفاعلين التربويين (مدير، أساتذة، مفتش، آباء..)، ناهيك عن المصاحبة التربوية التي تساهم في رفع مستوى التلاميذ المعثرين عبر مصاحبتهم وتقديم الدعم لهم.
ومن خلال توفير المعطيات التربوية من لدن فريق تربوي متخصص، يقدم الدعم البيداغوجي للتلاميذ المتعثرين مع التركيز على صنف التلاميذ الذين يظهرون بوادر أولى للانقطاع عن الدراسة أو التكرار وتشخيص تعثراتهم بهدف تحديد التدخل المناسب في مجال الدعم البيداغوجي وتحديد عدد المستفيدين من الدعم البيداغوجي، حسب المستوى مع إعطاء الأولوية للمستويات التي تعرف أعلى نسب الانقطاع والتكرار بالمؤسسة، وكذا للتلاميذ الأكثر تعثرا تفييء عدد المستفيدين إلى مجموعات مع احترام الحد الأدنى للمجموعة (15) كلما كان ذلك ممكنا
مصدر الموضوع : التربية نت
إرسال تعليق